الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج
.فصل فِي شُرُوطِ قَوَدِ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ: (يُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ الطَّرَفِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (وَالْجُرْحِ) وَالْمَعَانِي (مَا شُرِطَ لِلنَّفْسِ) مِمَّا مَرَّ بِتَفْصِيلِهِ وَلَا يَرِدُ الضَّرْبُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ عَمْدٌ فِي نَحْوِ الْإِيضَاحِ لِأَنَّهُ يُحَصِّلُهُ غَالِبًا لَا فِي النَّفْسِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَمْدَ فِي كُلٍّ بِحَسَبِهِ فَهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي حَدِّهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مُحَصِّلِهِ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ حَيْثُ لَمْ يَسْرِ الْإِيضَاحُ وَالْأَوْجَبُ الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَقْتُلُ غَالِبًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا إذَا جَنَى مُكَاتَبٌ عَلَى عَبْدِهِ فِي الطَّرَفِ فَلَهُ الْقَوَدُ مِنْهُ كَمَا فِي الْأُمِّ تُكَاتَبُ عَلَيْهِ أَوْ لَا مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ انْتَهَى وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْأُمِّ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ فِي حَيَاتِهِ يَتَشَفَّى بِالْقَوَدِ مِنْ سَيِّدِهِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَتَشَفَّى مِنْهُ إذْ لَا وَارِثَ لَهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ السَّيِّدِيَّةَ مَانِعَةٌ مِنْ ذَلِكَ التَّشَفِّي وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا اسْتِثْنَاءَ.الشَّرْحُ:(فَصْل فِي شُرُوطِ قَوَدِ الْأَطْرَافِ إلَخْ).(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُفِيدُ فِي دَفْعِ الْإِيرَادِ وَلِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَهُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ وَأَوْضَحَهُ كَانَ هَذَا الْإِيضَاحُ عَمْدًا مُوجِبًا لِلْقَوَدِ، وَلَوْ ضَرَبَهُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ كَانَ شِبْهَ عَمْدٍ وَهَذَا لَا يَنْدَفِعُ بِأَنَّ السِّرَايَةَ مِنْ الْإِيضَاحِ بِذَلِكَ الضَّرْبِ تُوجِبُ الْقَوَدَ فِي النَّفْسِ فَتَأَمَّلْهُ.(قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ فَعَدَمُ سَيِّدِيَّةِ الثَّانِي شَرْطٌ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ دُونَ قِصَاصِ الطَّرَفِ فَلَمْ يَصْدُقْ عُمُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ الطَّرَفِ إلَخْ.(فَصْل فِي شُرُوطِ قَوَدِ الْأَطْرَافِ إلَخْ):(قَوْلُهُ: فِي شُرُوطِ قَوَدِ الْأَطْرَافِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ تُكَاتَبُ عَلَيْهِ أَوْ لَا.(قَوْلُهُ مِمَّا مَرَّ تَفْصِيلُهُ) مِنْ كَوْنِ الْجَانِي مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا وَكَوْنِهِ غَيْرَ أَصْلٍ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَكَوْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعْصُومًا وَمُكَافِئًا لِلْجَانِي وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي الْبَدَلِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ فَيُقْطَعُ الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ وَبِالْعَكْسِ وَالذِّمِّيُّ بِالْمُسْلِمِ وَالْعَبْدُ بِالْحُرِّ وَلَا عَكْسَ وَكَوْنِ الْجِنَايَةِ عَمْدًا عُدْوَانًا وَمِنْ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ لَا فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ وَمِنْ صُوَرِ الْخَطَأِ أَنْ يَقْصِدَ أَنْ يُصِيبَ حَائِطًا بِحَجَرٍ فَيُصِيبَ رَأْسَ إنْسَانٍ فَيُوضِحُهُ وَمِنْ صُوَرِ شِبْهِ الْعَمْدِ أَنْ يَضْرِبَ رَأْسَهُ بِلَطْمَةٍ أَوْ بِحَجَرٍ لَا يَشُجُّ غَالِبًا لِصِغَرِهِ فَيَتَوَرَّمُ الْمَوْضِعُ إلَى أَنْ يَتَّضِحَ الْعَظْمُ مُغْنِي.(قَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ) أَيْ عَلَى الْمَتْنِ.(قَوْلُهُ: لِمَنْ زَعَمَهُ) أَيْ الْوُرُودَ وَافَقَهُ الْمُغْنِي.(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ ذَلِكَ الضَّرْبَ.(قَوْلُهُ: يُحَصِّلُهُ) أَيْ نَحْوَ الْإِيضَاحِ ع ش.(قَوْلُهُ: لَا فِي النَّفْسِ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ فِي نَحْوِ الْإِيضَاحِ ع ش.(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ الْوُرُودِ.(قَوْلُهُ: فِي كُلٍّ) أَيْ مِنْ النَّفْسِ وَنَحْوِ الْإِيضَاحِ.(قَوْلُهُ: فَهُمَا) أَيْ النَّفْسُ وَنَحْوُ الْإِيضَاحِ.(قَوْلُهُ: فِي حَدِّهِ) أَيْ الْعَمْدِ.(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَنْفَعُ فِي دَفْعِ الْإِيرَادِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَهُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ كَانَ شِبْهَ عَمْدٍ وَهَذَا لَا يَنْدَفِعُ بِأَنَّ السِّرَايَةَ مِنْ الْإِيضَاحِ بِذَلِكَ الضَّرْبِ يُوجِبُ الْقَوَدَ فِي النَّفْسِ فَتَأَمَّلْهُ سم عَلَى حَجّ، وَقَدْ يُقَالُ وَكَذَا لَا يَنْفَعُ الْجَوَابُ الْأَوَّلُ فِي دَفْعِ الْإِيرَادِ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش يَعْنِي أَنَّ كَلَامَ الْمُورِدِ حَيْثُ لَمْ يَسْرِ الْإِيضَاحُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ عَمْدًا فِي الْإِيضَاحِ وَإِذَا وَقَعَ مِثْلُهُ بِلَا إيضَاحٍ وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْهُ يَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ حَدَّ الْعَمْدِ الْمُوجِبَ لِلْقَوَدِ فِي النَّفْسِ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الضَّرْبِ وَحَدُّ الْعَمْدِ الْمُوجِبُ لِلْإِيضَاحِ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا يُوضِحُ غَالِبًا وَهُوَ حَاصِلٌ بِالضَّرْبِ وَالْكَلَامِ حَيْثُ لَا سِرَايَةَ أَمَّا مَعَهَا فَيَجِبُ الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ الْخَفِيفَةَ مَعَ السِّرَايَةِ تَقْتُلُ غَالِبًا. اهـ.(قَوْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ الْقَوَدُ إلَخْ) أَيْ وَلَا إيرَادَ ع ش.(قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَاسْتِثْنَاءُ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ كَلَامِهِ إلَخْ مُخَالِفٌ إلَخْ.(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ فَعَدَمُ سَيِّدِيَّةِ الْجَانِي شَرْطٌ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ دُونَ قِصَاصِ الطَّرَفِ فَلَمْ يَصْدُقْ عُمُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ الطَّرَفِ إلَخْ سم.(قَوْلُهُ: مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ) أَيْ فَلَا يُقْطَعُ بِذَلِكَ كَمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ لَكِنَّهُ إذَا قَطَعَ يَدَهُ ضَمِنَهُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ ع ش أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ عَبْدُ الْمُكَاتَبِ مُكَاتَبًا أَيْضًا.(قَوْلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ) أَيْ بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّهُ يُقْطَعُ فِيهِ وَلَا يُقْتَلُ بِهِ غَيْرُ أَنَّ مَا وَجَّهَ بِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِثْنَاءِ لَوْ قِيلَ بِهِ ع ش.(وَلَوْ وَضَعُوا) أَوْ بَعْضُهُمْ فَإِسْنَادُهُ إلَى جَمِيعِهِمْ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ (سَيْفًا) مَثَلًا (عَلَى يَدِهِ وَتَحَامَلُوا) كُلُّهُمْ (عَلَيْهَا دُفْعَةً) بِالضَّمِّ كَمَا قَالَهُ شَارِحٌ وَفِي الْقَامُوسِ هِيَ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةِ وَبِالضَّمِّ الدُّفْعَةُ مِنْ الْمَطَرِ ومَا انْصَبَّ مِنْ سِقَاءٍ أَوْ إنَاءٍ مَرَّةً وَبِهِ عُلِمَ صِحَّةُ كُلٍّ مِنْ الْفَتْحِ وَالضَّمِّ هُنَا (فَأَبَانُوهَا) وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَمَا يَأْتِي (قُطِعُوا) كَمَا لَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ نَفْسٍ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ فِي قَطْعِ السَّرِقَةِ أَنْ يَخُصَّ كُلًّا مِنْ مُشْتَرِكَيْنِ نِصَابٌ؛ لِأَنَّ التَّوْزِيعَ مُمْكِنٌ ثَمَّ لَا هُنَا عَلَى أَنَّ حَقَّ اللَّهِ يَتَسَامَحُ فِيهِ أَكْثَرُ وَخَرَجَ بِتَحَامَلُوا مَا لَوْ تَمَيَّزَ فِعْلُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ كَأَنْ حَزَّ كُلٌّ مِنْ جَانِبٍ حَتَّى الْتَقَتْ الْحَدِيدَتَانِ وَجَذَبَ أَحَدُهُمَا الْمِنْشَارَ ثُمَّ الْآخَرُ فَلَا قَوَدَ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ فِعْلِ كُلٍّ بَلْ عَلَى كُلٍّ حُكُومَةٌ تَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ يَبْلُغَانِ دِيَةً.الشَّرْحُ:(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُمْ) قَدْ يُقَالُ أَوْ غَيْرُهُمْ.(قَوْلُهُ: كَأَنْ حَزَّ كُلٌّ) أَيْ مِنْ الْمُبَعَّضِينَ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ.(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَبْلُغَانِ دِيَةً) لِلْيَدِ، وَقَوْلُهُ يَبْلُغَانِ أَيْ الْحُكُومَتَانِ، وَقَوْلُهُ دِيَةً أَيْ لِلْيَدِ.(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُمْ) قَدْ يُقَالُ أَوْ غَيْرُهُمْ سم.(قَوْلُ الْمَتْنِ عَلَيْهَا) أَيْ الْيَدِ بِوَاسِطَةِ التَّحَامُلِ عَلَى السَّيْفِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلسَّيْفِ بِتَأْوِيلِ الْآلَةِ وَيُؤَيِّدُهُ نُسْخَةُ عَلَيْهِ.(قَوْلُهُ: وَفِي الْقَامُوسِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ الرَّدُّ عَلَى الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ رَشِيدِيٌّ.(قَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ صِحَّةُ كُلٍّ مِنْ الْفَتْحِ وَالضَّمِّ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الضَّمِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَا مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إذْ لَيْسَ ثَمَّ شَيْءٌ مَصْبُوبٌ يُسَمَّى بِالدُّفْعَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ شَبَّهَ السَّيْفَ الْوَاقِعَ فِي مَحَلِّ الْقَطْعِ بِالشَّيْءِ الْمَصْبُوبِ مِنْ سِقَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ ع ش.(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْقُوَّةِ) أَيْ كَأَنْ صَارَتْ مُعَلَّقَةً بِجِلْدَةٍ ع ش.(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اجْتَمَعُوا) إلَى قَوْلِهِ فَالْإِضَافَةُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ التَّوْزِيعُ إلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.(قَوْلُهُ: يَتَحَامَلُوا) أَيْ إلَى آخِرِهِ.(قَوْلُهُ: مَا لَوْ تَمَيَّزَ فِعْلُ بَعْضِهِمْ إلَخْ) أَيْ فِي نَفْسِهِ بِأَنْ انْفَصَلَ عَنْ فِعْلِ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ لَنَا الْأَثَرُ فِي الْخَارِجِ رَشِيدِيٌّ.(قَوْلُهُ: كَأَنْ حَزَّ كُلٌّ) أَيْ مِنْ الْبَعْضَيْنِ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ سم.(قَوْلُهُ أَوْ جَذَبَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) أَيْ فِي الذَّهَابِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ الْآخَرُ أَيْ فِي الْعَوْدِ.(قَوْلُهُ: تَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ) أَيْ إنْ عُرِفَتْ وَإِلَّا فَيُحْتَاطُ الْقَاضِي فِي فَرْضِهِ بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ ظُلْمٌ عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَا نَقْصٌ لِمَجْمُوعِ الْحُكُومَتَيْنِ عَنْ الدِّيَةِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْحُكُومَةِ ع ش.(قَوْلُهُ بِحَيْثُ يَبْلُغَانِ) أَيْ الْحُكُومَتَانِ وَقَوْلُهُ دِيَةً أَيْ لِلْيَدِ سم.(وَشِجَاجُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ جَمْعُ شَجَّةٍ بِفَتْحِهِ (الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ عَشَرٌ) بِاسْتِقْرَاءِ كَلَامِ الْعَرَبِ وَجَرْحُ غَيْرِهِمَا لَا يُسَمَّى شَجَّةً فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِمَا مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ وَالْوَجْهَ لَيْسَا عَيْنَ الشَّجَّةِ بَلْ شَرْطَانِ فِي تَسْمِيَتِهَا شَجَّةً فَالْوَجْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا مُطْلَقُ الْجُرْحِ وَأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتَّخْصِيصِ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الشَّجَّةِ إنْ أُطْلِقَتْ لَا إنْ أُضِيفَتْ كَمَا هُنَا عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً أَطْلَقُوهَا عَلَى سَائِرِ جُرُوحِ الْبَدَنِ أَوَّلُهُنَّ طَبْعًا وَوَضْعًا (حَارِصَةٌ) بِمُهْمَلَاتٍ (وَهِيَ مَا شَقَّ الْجِلْدَ قَلِيلًا) كَالْخَدْشِ مِنْ حَرَصَ الْقَصَّارِ الثَّوْبَ خَدَشَهُ قَلِيلًا بِالدَّقِّ (وَ دَامِيَةٌ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ (تُدْمِيهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ الشَّقُّ بِلَا سَيْلَانِ دَمٍ عَلَى الصَّوَابِ وَإِلَّا فَهِيَ الدَّامِعَةُ بِالْمُهْمَلَةِ وَبِهَذَا تَبْلُغُ الشِّجَاجُ إحْدَى عَشَرَةَ (وَبَاضِعَةٌ تَقْطَعُ اللَّحْمَ) بَعْدَ الْجِلْدِ أَيْ تَشُقُّهُ شَقًّا خَفِيفًا مِنْ بَضَعَ قَطَعَ (وَمُتَلَاحِمَةٌ تَغُوصُ فِيهِ) أَيْ اللَّحْمِ وَلَا تَبْلُغُ الْجِلْدَةُ بَعْدَهُ سُمِّيَتْ بِمَا تَئُولُ إلَيْهِ مِنْ التَّلَاحُمِ تَفَاؤُلًا.(وَسِمْحَاقٌ) بِكَسْرِ سِينِهِ (تَبْلُغُ الْجِلْدَةَ الَّتِي بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ) وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالسِّمْحَاقِ حَقِيقَةً مِنْ سَمَاحِيقِ الْبَطْنِ وَهِيَ الشَّحْمُ الرَّقِيقُ (وَمُوضِحَةٌ) وَلَوْ بِغَرْزِ إبْرَةٍ (تُوضِحُ الْعَظْمَ) بَعْدَ خَرْقِ تِلْكَ الْجِلْدَةِ أَيْ تَكْشِفُهُ بِحَيْثُ يَقْرَعُ بِنَحْوِ إبْرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَرَ (وَهَاشِمَةٌ تَهْشِمُهُ) أَيْ تَكْسِرُهُ وَإِنْ لَمْ تُوضِحْهُ (وَمُنَقِّلَةٌ) بِتَشْدِيدِ الْقَافِ مَعَ كَسْرِهَا أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا (تَنْقُلُهُ) مِنْ مَحَلِّهِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ تُوضِحْهُ وَتَهْشِمْهُ (وَمَأْمُومَةٌ تَبْلُغُ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ) الْمُحِيطَةَ بِهِ الْمُسَمَّاةَ بِأُمِّ الرَّأْسِ (وَدَامِغَةٌ) بِمُعْجَمَةٍ (تَخْرِقُهَا) أَيْ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ وَتَصِلُهُ وَهِيَ مُذَفِّفَةٌ غَالِبًا وَيُتَصَوَّرُ الْكُلُّ فِي الْجَبْهَةِ وَمَا عَدَا الْأَخِيرَتَيْنِ فِي الْخَدِّ وَقَصَبَةِ الْأَنْفِ وَاللَّحْيِ الْأَسْفَلِ بَلْ وَسَائِرِ الْبَدَنِ عَلَى مَا يَأْتِي (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْمُوضِحَةِ فَقَطْ) لِتَيَسُّرِ ضَبْطِهَا وَاسْتِيفَاءِ مِثْلِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا (وَقِيلَ) يَجِبُ فِيهَا (وَفِيمَا قَبْلَهَا) لِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ نِسْبَتِهَا مِنْ الْمُوضِحَةِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا الْإِمْكَانَ لَا يَكْفِي مِثْلُهُ لِلْقِصَاصِ بَلْ لِتَوْجِيهِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْقِسْطِ مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ بِنِسْبَتِهَا إلَيْهَا (مَا سِوَى الْحَارِصَةِ) كَمَا زَادَهُ عَلَى أَصْلِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهَا جَزْمًا إذْ لَمْ يُفْتِ بِهَا شَيْءٌ لَهُ وَقْعٌ.(وَلَوْ أَوْضَحَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُوضِحَةَ وَمِثْلُهَا الْبَقِيَّةُ مَا عَدَا الْأَخِيرَتَيْنِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ جَرْحِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَسَائِرِ الْبَدَنِ وَعَلَيْهِ جَرَى مَنْ قَالَ يُتَصَوَّرُ الْكُلُّ فِي سَائِرِ الْبَدَنِ بِخِلَافِ الشَّجَّةِ فَإِنَّهَا خَاصَّةٌ كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَالْإِخْبَارُ عَنْهَا بِتِلْكَ الْعَشْرِ يُرَادُ بِهِ أَحَدُ مَدْلُولَيْهَا فَقَطْ عِنْدَ مَنْ لَمْ يُعَمِّمْهَا فَتَأَمَّلْهُ (فِي بَاقِي الْبَدَنِ) كَصَدْرٍ وَسَاعِدٍ (أَوْ قَطْعِ بَعْضِ مَارِنٍ) وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ (أَوْ) بَعْضِ (أُذُنٍ) أَوْ شَفَةٍ وَإِطَارِهَا وَهُوَ بِكَسْرٍ فَتَخْفِيفٍ الْمُحِيطُ بِهَا أَوْ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِ تَحْرِيفٌ، وَإِنَّمَا هُوَ إطَارُ السَّهِ أَيْ الدُّبُرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا نِهَايَةَ لَهُ أَوْ لِسَانٍ أَوْ حَشَفَةٍ (وَلَمْ يُبِنْهُ) بِأَنْ صَارَ مُعَلَّقًا بِجِلْدَةٍ وَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فَاعْتِرَاضُهُ لَيْسَ فِي مَحْمَلِهِ (وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَصَحِّ) لِتَيَسُّرِ ضَبْطِ كُلٍّ مَعَ بُطْلَانِ فَائِدَةِ الْعُضْوِ وَإِنْ لَمْ يُبِنْهُ وَفِيمَا إذَا اقْتَصَّ فِي الْمُعَلَّقِ بِجِلْدَةٍ يَقْطَعُ مِنْ الْجَانِي إلَيْهَا ثُمَّ يُسْأَلُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فِي الْأَصْلَحِ مِنْ إبْقَاءٍ أَوْ تَرْكٍ وَيُقَدَّرُ مَا عَدَا الْمُوضِحَةِ بِالْجُزْئِيَّةِ كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ وَجَبَ فِيهَا بِالْمُمَاثَلَةِ بِالْجُمْلَةِ فَامْتَنَعَتْ الْمِسَاحَةُ فِيهَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى أَخْذِ عُضْوٍ بِبَعْضِ عُضْوٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْمُوضِحَةِ فَقُدِّرَتْ بِالْمِسَاحَةِ أَمَّا إذَا أَبَانَهُ فَيَجِبُ الْقَوَدُ جَزْمًا.
|